تزايدت أهمية مشاركة المرأة في الرياضة خلال نصف القرن الماضي، والآن حان الوقت لإحداث التغيير الحقيقي في العالم!
اغتنام الفرصة
تزايدت أهمية مشاركة المرأة في الرياضة على مدى نصف القرن الماضي حيث أن المرأة اليوم تشارك في تفويض اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم ومعظم الاتحادات الرياضية الدولية، و كان هناك تقدم لا يمكن إنكاره بداية من نجاح حملة "This Girl Can" المشهورة عالميًا في المملكة المتحدة إلى افتتاح الملاعب وترخيص الصالات الرياضية للإناث في المملكة العربية السعودية.
ولكن لا يزال هناك طريق طويل أمامنا فيما يتعلق بالنتائج الحقيقية، ولكن الفرصة لتسريع زيادة مشاركة الإناث في الرياضة، وسواءَ كانت مشاركة حقيقية أو مشاركة المعجبين أو المشاركة الاستهلاكية أو المشاركة البحثية أو الأكاديمية أو للأعمال التجارية والرياضة، فإن جميعها تعتبر أسبابًا مقنعة:
- فمن الناحية الاقتصادية - سوف تتحول المستويات الأعلى من المشاركة إلى قيمة اقتصادية وتجارية أعلى سواءً من خلال المشاركة أو الاستهلاك أو عن طريق أداء النخبة. حيث تساهم الرياضة النسائية بأكثر من 7 مليارات جنيه إسترليني في اقتصاد المملكة المتحدة.
- أما من الناحية الصحية، فيجب أن تؤدي عملية مشاركة النساء في الرياضة إلى مشاركة المزيد من النساء في هذا المجال، مما سوف يؤدي إلى صحة عامة أفضل، حيث تشير الأدلة الحديثة إلى انخفاض معدل الإصابة بمرض السكري بنسبة 78٪ بين النساء المصنفات على أنهن نشيطات للغاية.
- أما من الناحية الاجتماعية، فسوف تؤدي المشاركة في الرياضة إلى نتائج اجتماعية إيجابية تتعلق برأس المال الاجتماعي والتماسك الاجتماعي والتكامل. أما على المستوى الفردي، فتتمتع النساء اللواتي يشاركن في الرياضة بمستويات أعلى من الثقة واحترام الذات وانخفاض معدل الإصابة بالاكتئاب.
- أما من ناحية الأداء، فكلما انخرط المزيد من النساء في الرياضة، سوف تزداد مجموعة المواهب المحتملة مما يؤدي إلى نجاح أكبر لفئة النخبة.
يتمحور الجدل النمطي حول المرأة عن التساؤل عن كيف يجب أن تكون عليه الأمور، وكيف يمكن تقييمها، وما هي الجوانب الحسنة والسيئة، وما هي الأفعال الصحيحة وغير الصحيحة، وعلى الرغم من أهمية طرح الأسئلة باستمرار إلا أنها قد تعيق العمل أحيانًا. لأن الهدف النهائي هو تحقيق التغيير حقيقي في العالم لأن هناك ميزة أكبر في العمل الجاد في البحث عن طرق أخرى للتفكير.
"المشاركة = تغيير السلوك"
تتطلب زيادة المشاركة من النساء تغيير سلوكن سواءً زيادة نشاطهن الرياضي الحالي أو العودة إلى النادي المحلي، أو اختيار التطوع في اليوم الرياضي للأطفال أو شراء تذاكر لدعم الرياضين المفضلين. وبعد هذه الأمثلة، يمكننا التفكير من منظور "التغيير السلوكي". وهناك بحوث كثيرة حول هذا الموضوع، حيث هناك 4 متطلبات أساسية للفرد لتغيير سلوكه:
المصدر: ماكينزي
إن الرؤية الأساسية لإطار العمل المكون من أربعة أجزاء هي كما ما يلي: في حال استيفاء الأربع شروط سوف يتغير السلوك، لأن كل شرط مهمٌ جدًا ولكن لا يعتبر كافيًا.
سأشترك في الرياضة إذا ...
... فهمت لماذا يجب أن أشارك وأصبح منطقيًا بالنسبة لي
كان هناك وسائل إقناع ناجحة في "إيصال الرسالة" المتعلقة بالمشاركة الرياضية، حيث تقول 75٪ من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 14 و 40 عامًا في المملكة المتحدة أنهن يرغبن في أن يصبحوا أكثر نشاطًا، وأظهرت أكثر من 90٪ من النساء في دراسة حديثة في أمريكا وعيًا بأن زيادة النشاط البدني من شأنه أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية. ويشير هذا إلى وجود رغبة حقيقية بين النساء للمشاركة بشكل أكبر في الرياضة وفهم أهميتها في الحفاظ على الصحة.
... أرى قائدات وزميلات وغيرهن منخرطات في مجال الرياضة
يوجد أيضًا نجاحًا ملحوظًا في الترويج لنماذج يحتذى بها للمرأة، حيث شاهد في عام 2017 1.1 مليون شخص نهائي كأس العالم للكريكيت للسيدات في المملكة المتحدة (مع 180 مليون مشاهد عالمي في جميع أنحاء البطولة وهو ما يمثل زيادة بنسبة 300٪ عن كأس العالم السابقة في عام 2013) وشاهد 9.7 مليون شخص نهائي هوكي ريو للسيدات على قناة بي بي سي، كما شاهد 11 مليون شخص أيضًا حملة This Girl Can التي تناصر مشاركة النساء العادية وتتصدى بشكل مباشر لخوف المرأة من الحكم عليها بطريقة ما، سواءً إن لم تكن ماهرة أو لائقة بما فيه الكفاية أو فيما يتعلق بالحجم المناسب للمشاركة في الرياضة.
... لدي المهارات والفرص للمشاركة
هذا المجال يحمل الكثير من الفرص، وعلى الرغم من أن الاستثمار العام لمنشآت النساء وزيادة مشاركة المرأة قد ازداد في العديد من البلدان إلا أن هذا لا يقابله استثمارًا من القطاع الخاص. وينفق ما بين 0.5 و 1 في المائة فقط من نفقات الرعاية في المملكة المتحدة على الرياضة النسائية مع نسبة أقل يُحصل عليها من حقوق البث. وهذا يعني توفر أموالًا أقل لدفع أجور نخبة النساء الرياضيات، ودعمًا أقل للفرق الرياضية النسائية على مستوى الهواة، وقليلًا من البحث والتطوير التجاري لرياضات السيدات. ويتطلب التغيير تحولاً جوهريًا في اقتصاد القطاع، و / أو تدخل حكومي أكثر قوة في السوق.
... أستطيع أن أرى الإجراءات والأنظمة التي تدعمني للمشاركة
لا تزال نسبة نجاح المحاولات لتقديم المزيد من الطرق الملموسة لشغل الوظائف في مجال الرياضة للنساء محدودًا. حاولت منظمة سبورت إنجلاند مؤخرًا تسهيل وصول النساء إلى مناصب قيادية عليا من خلال تكليف الهيئات الحكومية الوطنية بأن تضم 30٪ على الأقل من النساء في مجلس إدارتها. وعلى الرغم من كونها خطوة إيجابية، إلا أن تعيين مناصب غير تنفيذية لا يؤسس بالضرورة الآليات اللازمة لدعم الوصول إلى القمة بالنسبة للمسيرة المهنية.
العمل على جهتين
هناك نوعين من الرؤى لنهج التغيير السلوكي حيث يجب العمل عليهما على الفور:
أولاً: هناك حاجة إلى الإجراءات والتدابير التي تتناول المهارات والأنظمة، وكذلك مضاعفة الجهود على عرض النماذج التي يحتذى بها. ويعالج اتباع نهج أو برنامج أكثر شمولية جميع المجالات الأربعة في وقت واحد، ومن شأنه أن يحسن التنسيق بين الجهود المستهدفة التي تؤدي إلى نتائج أكبر.
ثانيًا: يضع "إطار العمل" الفرد في مركز التغيير. ويعد فهم الدوافع الفردية للسلوك أكثر صعوبة وأكثر تكلفة من البحث العام عن السكان عامة. تُظهر بعض الحملات مثل This Girl Can بوضوح تأثير التدخل الحقيقي المستمد من الرؤى التي تم تشكيلها على مدار عامين من البحث المكثف. كما تتيح لنا تحليلات البيانات الكبيرة والتكنولوجيا في الوقت الحالي استخلاص رؤى حول السلوك الفردي على المستوى الجزئي بشكل أسرع وأكثر فعالية من حيث التكلفة. وأيضًا نجح قطاع البيع بالتجزئة في تسخير هذا الأمر للاستفادة الكاملة من تفضيلات وسلوكيات الاستهلاك الفردي لدفعنا نحو الشراء. وإذا كان بإمكان تجار التجزئة استخدام البيانات لجعلنا جزءًا من أموالنا فبالتأكيد يمكننا استخدام البيانات لجعل النساء أكثر نشاطًا وانخراطًا في الرياضة، وليس فقط لصالح النساء بل للمجتمع ككل.
إن الأساليب والتكنولوجيا متاحة بالفعل، لذلك الوقت الحالي يعتبر وقتًا مناسبًا لاتخاذ الخطوات العملية، وليس فقط التفكير النظري في التغييرات المتعلقة بالمرأة في مجال الرياضة.