لتحقيق الأهداف الاستراتيجية في عالم تتراجع فيه المشاركة، وتضيق الميزانيات، وتزيد المنافسة، فإن الاتحادات الرياضية تحتاج إلى موازنة قرارات محفظة برامجها بما يتوافق مع الحقائق، وليس فقط الاعتماد على الحدس أو التكهنات أو الأجندات السياسية.
تعريف التوازن الجديد!
غالبًا ما يكون العملاء الأساسيون للاتحاد الرياضي الوطني هم المشاركون فيه، وغالبًا يختارون ما يمارسونه من مجموعة برامج الأنشطة الرياضية المعروضة، وإذا لم يعجبهم فسوف يستثمرون أوقاتهم وأموالهم في مكان آخر.
وفي الآونة الأخيرة واجهت الاتحادات الرياضية تحديًا ثلاثي الأبعاد، وهو تراجع المشاركة، وتضييق الميزانيات، وزيادة المنافسة. ويمكن في ظل هذه الظروف أن يؤدي اختيار البرامج التي يتم تقديمها (وبأي سعر ستقدم) إلى إحداث فرق بين رياضة مزدهرة وممولة تمويلًا جيدًا وببين رياضة "ميتة".
وبسبب التعلم من القطاعات الأخرى خارج مجال الرياضة، فإن إحدى إستراتيجيات النجاح الرئيسية تتمثل في وجود "محفظة متوازنة" من البرامج المعروضة. وعلى الرغم من أن هذا المصطلح يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقطاع إدارة الأصول، حيث يتعلق الأمر بموازنة المخاطر، إلا إننا نطبق هنا -في هذا السياق- هذا المفهوم على الاتحادات الرياضية. ففي هذه الحالة، يكون "التوازن" بين القيمة الاقتصادية والقيمة الاستراتيجية، وهو ببساطة محفظة متوازنة من البرامج التي سوف تخدم جميع الأولويات الإستراتيجية للاتحاد الرياضي (مثل النخبة، والمشاركة المجتمعية، وذوي الاحتياجات الخاصة، والجنسين، والجغرافيا، وغيرها..) مع ضمان أن تظل القيمة الاقتصادية للمحفظة إيجابية صافية.
لماذا التوازن صعبًا للغاية؟
عدد قليل جدًا من الاتحادات الرياضية (وفي الواقع المنظمات التجارية خارج الرياضة) [1] تدير محافظها بشكل فعال. على سبيل المثال، ما يقارب 70٪ من المنظمات لديها برامج كثيرة جدًا بالنسبة لمواردها المتاحة [2] ، بينما 21٪ فقط من المحفظات لديها برامج "ذات قيمة عالية" للمنظمة1. وعلى الرغم من أنه يمكن التسامح مع أوجه القصور هذه في أوقات الوفرة، إلا أنها قد تكون قاتلة عندما تصبح الظروف صعبة.
هناك العديد من الأسباب الرئيسية التي تجعل المنظمات تجد التوازن صعبًا للغاية. أولاً، عدم وجود أولويات إستراتيجية محددة بوضوح مما يجعلها غير مجدية. لن تتمكن أي محفظة من توفير تغطية لجميع المصالح الاستراتيجية، وبدون أولويات واضحة لن تتمكن المنظمات من إجراء المقايضات اللازمة للنجاح. ثانيًا، تعاني العديد من الاتحادات الرياضية من غياب البيانات اللازمة. فبدون البيانات والأدلة، يصبح صنع القرار قائمًا على الحدس والتخمين والسياسات. وأخيرًا، حتى مع وجود البيانات، هناك حاجة إلى النماذج والتحليلات المناسبة لتحويل المعلومات إلى رؤى، وتحويل الرؤى إلى قرارات صائبة.
الجواب واضح! إذا تمكنت الاتحادات الرياضية من موازنة محافظها الاستثمارية وتحسينها بشكل منهجي، فهناك فرص وفيرة يمكن تحقيقها، فمثلاً يمكننا تنمية جماهير دوري الرجبي إلى فئة جديدة، أو وقف الانخفاض المستمر في المشاركة في لعبة الكريكيت، أو إعادة تخصيص ملاعب الجولف الفارغة لتلبية الطلب لجولات أقصر. فالاحتمالات لا حصر لها.!
نتائج كلا الطريقتين
بناءً على عملنا على مدار العقد الماضي مع أكثر من 20 اتحادًا رياضيًا في المملكة المتحدة، قمنا بتطوير نهج مخصص لتقييم محفظات البرامج بشكل منهجي ومساعدة الاتحادات الرياضية على إجراء أي تغييرات استراتيجية مطلوبة. حيث يُبنى النهج على تقييم ذو بُعدين متميزين، وهما القيمة الاستراتيجية والقيمة الاقتصادية.
لنأخذ مثالاً على واحدة من أكبر الرياضات مشاركة في المملكة المتحدة، فقد سلط تقييمنا الاستراتيجي الضوء على أن ميزانيتها كانت موزعة على محفظة واسعة للغاية مع عدم وجود إشارة واضحة إلى المجالات ذات الأولوية للاستثمار. وحددنا من خلال العمل مع قيادة الاتحاد الرياضي على أن مشاركة الإناث ورياضة فئة الشباب هي أولويات استراتيجية رئيسية. وتمكننا عملية إعادة تقييم الحافظة بالنسبة لهذه الأولويات الإستراتيجية من التحديد السريع للبرامج التي كان لها تأثير والبرامج التي لم يكن لها تأثير كافٍ.
ومن خلال الجمع بين الأكثر شعبية و المنظور الثاني للعائد الاقتصادي، تمكنا من تخطيط المحفظة بأكملها اعتمادًا على القيمة الإستراتيجية ("العائد على الأهداف") والقيمة الاقتصادية ("العائد على الاستثمار"). وكانت الآثار واضحة! فقد استمرت برامج العائد على الاستثمار والعائد على الأهداف مرتفعة، وتم التخلص من الانخفاض، أما الآخرين فإما يتطلعون إلى تحسين التصميم أو إعادة تخصيص الميزانية لزيادة إجمالي العوائد للمحفظة بأكملها.
وهذا يعني في الواقع أنه تم العثور على برنامجين حاليين فعالين لمشاركة الإناث ولكن مكلفين، مع تكلفة عالية لكل مشاركة مقارنة بالبرامج الأخرى. ولكن تمكن الاتحاد الرياضي من خلال إعادة ترتيب أولويات العديد من المبادرات الأخرى التي كانت ذات قيمة إستراتيجية قليلة من إطلاق تمويل للاستثمار للبرامج النسائية. وبسبب التحسينات التشغيلية لزيادة عائد الاستثمار، تم توسيع البرنامجين لزيادة مشاركة المرأة بتكاليف أقل، وبالتالي تمكين الاتحاد الرياضي من تحقيق أهدافه. وحُددت فجوة إستراتيجية في المحفظة أيضًا، ولذلك أوصينا بتصميم برنامج جديد يركز على الفتيات، ليتم إطلاقه في مجموعة مختارة من المدارس التي عرفنا -عبر قنوات التنفيذ- أنها سوف تساهم في تحقيق عائد استثمار مرتفع (والذي تم تأكيده لاحقًا من خلال نموذجنا). وبالتالي فإن إدارة مثل هذه المحافظ المعقدة بهذه الطريقة أمر بسيط وفعال، ومن الواضح أنها ذات فائدة كبيرة للاتحادات الرياضية والأشخاص الذين تخدمهم.
الأمر يتعلق بتحقيق التوازن فقط!
النهج الموضح أعلاه ليس بثورة. ولكن تطبيقه في هذا السياق يعتبر جديدًا، ونحن بعيدون عن رؤية تطبيقه المنهجي في مجال الرياضة. ولكننا في وضع يسمح بالتعلم من التقنيات والأساليب والمعرفة التي طُورت على مدى عقود في قطاعات أخرى، وتجنب ذات الأخطاء. وذلك عبر استخدام البيانات والنمذجة لتوفير قاعدة حقائق سليمة، ويمكن للقادة في مجال الرياضة تركيز طاقتهم الإبداعية للخروج بأفكار جديدة ومبتكرة وتصميم برامج جديدة والتأكد في نهاية المطاف من قضاء المزيد من الوقت في رياضاتنا المفضلة. سوف يتطلب هذا أيضًا حدسًا وربما القليل من السياسة. ولكن الأمر يتعلق بتحقيق التوازن فقط!
المصادر:
- فقط 21٪ من المؤسسات لديها أنظمة فعالة لإدارة المحافظ - روبرت كوبر وسكوت إدجيت: "عشر طرق لاتخاذ قرارات أفضل بشأن المحفظة واختيار المشاريع" ، مجلة الرؤى بي دي إم إيه (2006)
- عرض شامل: المسح المعياري الثالث لإدارة مجموعة المنتجات (2012)