الفعاليات الكبرى مثل الألعاب الأولمبية، وأولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة، وكأس العالم للرجبي، وبطولات جراند سلام للتنس مثل ويمبلدون،
هي وسيلة للمدينة المضيفة (أو الدولة) لتحسين صورتها العالمية وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية،
ولكن عدم فهم الدوافع الرئيسية والنتائج
يمكن أن يعرض المدن المضيفة لخسارة أموالها وبذل النفقات الكبيرة.
لماذا التركيز على الاستدامة بالتحديد؟
تبحث اللجان المنظمة الطموحة في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد لتحديد فوائد الفعاليات التي تستضيفها، وضمان أن يكون لخططها تأثير دائم
على الثروة والصحة والسعادة في مدنها ومجتمعاتها.و
تُعرّف "استدامة الفعالية" على أنها عائد الاستثمار على المدى الطويل للمدن المضيفة وهو
جزء أساسي من دراسة الجدوى التجارية لاستضافة فعالية كبير.
ويمكن للمنظمين من خلال فهم تأثير الاستدامة من الاستفادة من الفعاليات السابقة، وجذب استثمارات جديدة وتقديم الفوائد المستدامة وطويلة المدى
لمدينتهم.
ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فيمكن مع القياس الدقيق للمقاييس الصحيحة الخروج برؤية وافية من أجل تحقيق التالي:
تحديد البطولات المراد تقديم العروض لها، وذلك لتركيز الموارد على الفعاليات ذات العائد الأكبر على الاستثمار
تحديد الفوائد المتوقعة لتبرير الاستثمار
-
تصميم إجراءات مخصصة (مثل المنشآت الجديدة أو تطوير القوى العاملة) لزيادة تأثيرها
-
تتبع الاستدامة الناتجة أثناء الفعالية وبعده لتعديل الإجراءات وتحديد التحسينات للمنافسات المستقبلية
-
وعلى العكس من ذلك، فإن الافتقار إلى الفهم والتعامل غير الصحيح يمكن أن يسبب إضاعة الأموال للمدن المضيفة مع وجود مجموعة من
الملاعب المهجورة والتأثير البسيط أو المعدوم.
تأثير الاستدامة الناتجة - كيف يمكننا قياسها وما الذي يمنعنا من المضي قدمًا؟
يمكن تحديد تأثير استدامة الفعالية لأربع مجالات: الاقتصادية، والبنية التحتية، والاجتماعية، والرياضية.
نشرت شركة بورتاس في يوليو
2017
تقريرًا تم فيه تقييم آثار استدامة الألعاب الأولمبية المختلفة لهذه الأبعاد الأربعة.
وكان استنتاجنا الأولي هو أنه لا توجد دورة ألعاب أولمبية صيفية قد استطاعت تحقيق استدامتها بالكامل.
ولكن هناك تبعات وتحديات أخرى أكثر صعوبة.
وعلى الرغم منه أنه يتم تحديد الأبعاد الاقتصادية والبنية التحتية بسهولة أكبر، إلا أن الجوانب الاجتماعية والرياضية لاستدامة الفعاليات تظل أكثر غموضًا وغير محددة كميًا.
وهذه مجموعات البيانات لبعض المقاييس المحددة غير مكتملة بالتحديد:
التأثير الرياضي -
ينص الميثاق الأولمبي على التالي:
"هدف الحركة الأولمبية هو المساهمة في بناء عالم سلمي أفضل من خلال تعليم وتثقيف الشباب من خلال الرياضة ...".
ولكن البيانات المتعلقة بالتأثير على المشاركة المجتمعية غير متوفرة إلى حد كبير، وهي أكثر وضوحًا لبعض الدول أكثر من غيرها.
ويوجد من بين البيانات المتاحة القليل من الأدلة الملموسة على وجود تأثير تدريجي للفعاليات الرياضية الكبرى على المشاركة.
وتوجد بعض التي تشير إلى وجود روابط بين مجموعات المتغيرات، ولكنها لا تفصل عادةً الإجراءات المحددة وتأثيراتها كجزء من استدامة الفعالية.
وتقدم اللجنة الأولمبية الدولية معلومات عامة عن أنشطة الألعاب الأولمبية المختلفة في محاولة لإشراك الشباب في الرياضة، ولكن يُجرى القليل جدًا من التقييم لأداء كل منهم.
وتسعى بعض الإجراءات -مثل مسح الحياة النشطة في إنجلترا- إلى تقديم رؤية تفصيلية كافية، ولكن حتى هذاه
الإجراءات لا تفصل التأثير المحدد للفعاليات الكبرى.
التحسين الاجتماعي -
على الرغم من أن التأثير البيئي لأي فعالية كبيرة يتم الإعلان عنه على نطاق واسع - مثل الاستثمار في إمدادات المياه النظيفة - إلا أنه يظل تعريفًا ضيقًا للتأثير المجتمعي الأكبر الذي يمكن -وينبغي- قياسه.
لذلك يجب قياس مقاييس أخرى مثل سعادة المواطنين ودعم المجتمعات المعزولة وقياس مستويات الجريمة والاضطراب الاجتماعي إذا أردنا فهم التأثير الكامل لاستدامة الفعالية.
تحسين جمع البيانات للخروج بالرؤى الصحيحة
نعتقد أن هناك ثلاثة تحسينات رئيسية في عملية جمع البيانات من شأنها تحسين دقة تحليل الاستدامة بشكل كبير:
1. مقاييس موحدة لكل فعالية للحصول على رؤى قابلة للمقارنة
توافق المقاييس وجمع البيانات أمر ضروري للمقارنة. ويتضمن ذلك على المقاييس الفعلية المقاسة، والطرق المستخدمة للقيام بذلك، وخصائص العينات التي تم تحليلها، مثل التقسيم الجغرافي أو النطاق العمري.
2. مجموعة بيانات أوسع لكل فعالية للحصول على رؤية شاملة تؤدي الفعاليات إلى الإجراءات، والتي عندما تقترن بالعوامل الاجتماعية والديموغرافية تؤدي إلى نتائج استدامة الفعالية، لذلك لا يجب أن يقتصر جمع البيانات على العوامل المحركة لتأثير الفعالية على النشاط البدني فحسب، بل يجب أن يشمل أيضًا على النتائج الأوسع المصاحبة لذلك، مثل حصيلة الرعاية الصحية ومكاسب الإنتاجية إلى منع الجريمة والتكامل الاجتماعي،
وهذه الرؤية الشاملة ضرورية لفهم التأثير الكامل للفعالية.
3. جمع البيانات قبل الفعالية وأثناء الفعالية وبعده للحصول على رؤية طويلة المدى يجب أن يبدأ جمع البيانات وفقًا لمقاييس محددة بمجرد القبول بالعرض المقدم، ويجب أن يستمر طوال الفعالية وعلى المدى الطويل، وربما إلى 10 سنوات بعد انتهاء الفعالية.
وهذه الرؤية طويلة المدى هي الطريقة الوحيدة لتقديم صورة كاملة لكل منافسة، وتأثير الإجراءات المحددة على كل مؤشر أداء.
ومن المحتمل أن يكون هناك دور إداري رئيسي للجنة الأولمبية الدولية والهيئات الرئيسية الأخرى في الإشراف على هذه العملية.
حيث سوف
يكونون مسؤولين عن اختيار المؤشرات التي سوف يتم قياسها، وسوف يحتاجون إلى اختيار نطاق شامل بما يكفي لتوجيه السياسة المستقبلية،
ولكن لا يجب أن تكون واسعة بحيث تثير مشاكل لوجستية خطيرة.
استكشفت اللجنة الأولمبية الدولية جمع البيانات من خلال تقديم مبادرات مثل دراسة التأثير العالمي للألعاب الأولمبية، والتي تهدف إلى قياس تأثير الألعاب الأولمبية بشكل موضوعي وعلمي على المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ومع ذلك لا تزال هناك حاجة كبيرة للتحسين على نطاق أوسع في جمع البيانات وتحليل الفعاليات الرئيسية.
وسوف يكون التعاون وتبادل البيانات بين المدن المضيفة واللجان المنظمة أمرًا فعالاً أيضًا، حيث يزداد المستوى المحتمل للرؤى الناتجة مع حجم وموثوقية البيانات المتاحة.
وعندها فقط -مع توفر القيادة الصحيحة والشراكات الفعالة- سوف نكون قادرين على قياس تأثير الاستدامة بدقة من خلال الرؤى القابلة للمقارنة والشاملة وطويلة المدى.
تحرير إمكانيات استدامة الفعاليات - مواطنون نشيطون في جميع أنحاء العالم
على الرغم من أن تحقيق الأهداف الموضحة أعلاه يعد مهمة مرهقة وصعبة، إلا أن العديد من المبادرات توفر بالفعل رؤية تفصيلية طويلة المدى وقابلة للمقارنة.
وإحدى هذه المبادرات هي مبادرة "مواطنون نشيطون في جميع أنحاء العالم"، وهي شبكة بيانات تزود صانعي السياسات في المدن في جميع أنحاء العالم بمعرفة رائدة ورؤى.
وأثبتت مبادرة "مواطنون نشطون في جميع أنحاء العالم" بالشراكة مع المدن المؤسسة -أوكلاند ولندن وسنغافورة - بالفعل الفوائد الصحية والاجتماعية والاقتصادية للإجراءات المحددة في مجال النشاط البدني (انظر إلى التقرير السنوي لمبادرة "مواطنون نشطون في جميع أنحاء العالم 2018).
والمفتاح الرئيسي لهذا التحليل القابل للمقارنة هو الحصول على بيانات شاملة لكل مدينة لأربع فئات: النشاط البدني، والديموغرافيا الاجتماعية، والإجراءات، والنتائج (انظر المثال 1).
المثال1 - إطار عمل مبادرة "مواطنون نشطون في جميع أنحاء العالم"
كان من الممكن من خلال تطبيق التحليل المتطور على مثل هذه البيانات "فهم الدلتا" وبالتالي فصل الأهمية النسبية وتأثير الإجراءات المحددة على ميل فرد معين للنشاط البدني.
ويمكن بعد ذلك دمجها في صورة شرائح ديموغرافية مختلفة: حسب العمر والجنس والعرق والحالة الاجتماعية والاقتصادية أو الموقع الجغرافي، وذك على مستوى المدينة والمجتمع والمجموعة والفرد.
وهذا ممكن تطبيقه على المدى الطويل، حيث يكشف عن اتجاهات جديدة ويوفر فهمًا أوسع للديناميكيات المتعلقة.
وكلما بدأت هذه القياسات مبكرًا، كلما زادت شمولية الرؤى التي يمكن إنتاجها.
يوفر الجمع بين الرؤى الخاصة بكل مدينة حول دوافع النشاط البدني للمدن المشاركة، بالإضافة إلى قيمة النشاط البدني رؤية غير مسبوقة للعائد الاجتماعي والاقتصادي على الاستثمار في النشاط البدني.
ويصبح بناءً على ذلك من الممكن للمدن المضيفة قياس تأثير الفعاليات الكبرى على المشاركة والفوائد المرتبطة بها.
وهذا المستوى من الرؤى هو أمر بالغ الأهمية في أي تصميم للفعاليات المستقبلية واستدامتها.
حان الوقت للتغيير!
يعد فهم الاستدامة الناتجة أمرًا مهمًا للنجاح المستقبلي للفعاليات الكبرى.
مثلا تقدم بعض المبادرات مثل مبادرة "مواطنون نشطون في جميع انحاء العالم" نظام أساسي صارم قائم على البيانات لتمكين اللجان المنظمة من القيام بذلك.
والتحدي يكمن في التنفيذ.
ويتعين على الاتحادات الدولية واللجان المنظمة والاتحادات الوطنية وحكومات المدن أن تجتمع معًا للاستثمار في جمع البيانات وتحليلها بشكل منهجي عبر أحداثها.
ولن يستفيد -من خلال القيام بذلك- قادة المدن ومنظمي الفعاليات والهيئات الإدارية فحسب، ولكن يمكن أيضًا لمواطني المدن المضيفة جني ثمار الفعاليات الرياضية الكبرى، وضمان مستقبل طويل المدى لمجالنا الرياضي.
للمزيد من المعلومات يرجى التواصل على العنوان التالي:
أساهي تاكانو (atakano@activecitizens.world)
أو قم بزيارتنا على الموقع الالكتروني www.activecitizens.world